-A +A
فاطمة بنت محمد العبودي
عنوان المقال، عبارة قالتها عجوز متهكمة على أولياء أمور اليوم، الذين يبالغون في الاهتمام بأبنائهم وتلبية مطالبهم حتى لتخشى العجوز أن يدعو الآباء لأبنائهم بدل والديهم.
وقد لامست هذه العجوز جزءاً من الحقيقة، ووضعت يدها على موضع الخلل في تربية جيل اليوم، حتى أصبح الكثير منهم متمردين على السلطة، لا يحترمون مربياً ولا يلتزمون نظاماً.
ففي كتاب فرنسي جديد بعنوان «تربية الأبناء من ضروريات اليوم» ألفه طبيب متخصص في علاج الأطفال، بعد سماعه شكوى الآباء والأمهات لسنوات، يرى المؤلف أن من اختلف ليس جيل اليوم إنما المختلف هو جيل الآباء, ويرى أن السلطة الوالدية هي الحصن ضد تمرد وطغيان الأطفال في المنزل والمدرسة والمجتمع. وأن تنازل الآباء عن سلطتهم خوفاً من فقد محبة أبنائهم، يجعل الأبناء يستحوذون عليها، ويعيشون في وهم أن لهم نفس حقوق الإنسان البالغ بلا قيود أو حدود.
ويوصي المؤلف بحرمان الطفل، فمنح الصغير كل شيء والاستسلام لطلباته يعوده على الكسل والرفاهية والانتظار، لعلمه بأن طلباته أوامر، ومن هنا يعتاد على الإصرار المستبد، فيجب تعليم الطفل في سن مبكرة أن ليس كل شيء من حقه، ولا يستطيع الحصول على كل شيء، وهذا سيساعده على تفهم بأنه ليس صاحب السلطة المطلقة، وأن عليه أن يبذل مجهوداً ليحصل على ما يريد.
وعندما اقترح أحد التربويين الأمريكيين، قيام الآباء بتخيير أبنائهم المراهقين بين الانصياع للسلطة الوالدية أو مغادرة المنزل، احتج بعض الآباء بأن ذلك يعد قسوة على الأبناء، أجاب بأن الموظف يفصل من الشركة إذا لم يلتزم بقوانينها، والمواطن يسجن إذا خالف القانون، فيجب أن يعتاد الابن على الالتزام بقوانين المكان الذي يعيش فيه، ليسهل عليه التأقلم في مجتمعه فيما بعد.
ومع اقتناعي بضرورة ممارسة الآباء للسلطة الوالدية، إلا أنني أرى أن يرافق السلطة احترام الأطفال، والحوار معهم، فالتمرد ومخالفة النظام قد تكون نتيجة طبيعية للإهانة وعدم التقدير.
وجو المنزل الذي يسوده الاحترام يكون مدعاة للالتزام بالأنظمة والقوانين المفروضة فيه، خاصة احترام رب المنزل، فإذا رأى الأولاد أمهم تحترم أباهم وتطيعه، انعكس هذا الاحترام والطاعة لا شعورياً على سلوكهم، وعند تنازل بعض الآباء عن قوامته وترك إدارة المنزل وفرض النظام للزوجة، والزوجة لا تخضع لنظام معين أو سلطة في تصرفاتها، أو عند ترك إدارة المنزل للخدم، انشغالاً من الوالدين أو تكاسلاً، ينشأ الأطفال على تلبية طلباتهم، غير قابلين للخضوع لأي نوع من السلطة.
إن الاهتمام بالأولاد والقرب منهم ومحاورتهم من أساسيات التربية، لكن الخطأ في الاستجابة الدائمة لمطالبهم وتحقيق رغباتهم دون تعويدهم على احترام السلطة الوالدية، أي إلزامهم بقوانين وأنظمة عليهم اتباعها، وأعمال يجب تنفيذها في المنزل جراء تمتعهم بما يحصلون عليه من مزايا.
fma34@yahoo.com


للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 135 مسافة ثم الرسالة